عندما تأتيه الدنيا فيلفظها وتأتيه النجومية فى أكبر دوريات العالم فيرفضها .. ويعرض عليه الاحتراف فى أكبر الفرق العالمية حيث المال والشهرة .. فيستخير الله ..ليختار فى النهاية حب الله وحب الجماهير التى عشقته .. ليبقى بين من يصنع لهم السعادة ويدخل إلى نفوسهم البهجة .. فإنه أبو تريكه القريب من ربه !!!
عندما تجتمع المهارة والفن و الأخلاق والسلوك القويم ...فأنه أبو تريكه الفنان!!
عندما يزوب الفرد فى المجموع ويكون الإيثار والفرحة لمن أحرز هدفا كما لو كان هو محرزه .ومصلحة الفريق وإسعاد الجماهير يقدمها على رغباته وتطلعاته الشخصية..فأنه أبو تريكه المخلص!!
عندما لا تغيره النجومية ولا تزيده الشهرة والمال إلا خضوعا لله وتواضعا للبشر .. فإنه أبو تريكه المتواضع !!!
وعندما لا تفارقه الابتسامة كطفل .. حتى وهو يتعرض لكل أنواع العنف .. لا يعترض على الظلم.. ويبكى بطفولية حتى تحرقه الدموع لهزيمة فريقه وحزن جماهيره ..ويبكى ويبكينا معه حزنا على رفيقه الراحل الحاضر الغائب محمد عبد الوهاب .. ويهرول بعد هدف مؤثر ليقبل رأس الراحل ثابت البطل قبل وفاته بساعات فى مشهد تقشعر له الأبدان .. فإنه أبو تريكه الإنسان!!
عندما يتباهى بتاريخه الاجتماعي البسيط .. ولا يخجل من ذكر قصة كفاحه.. وعندما يصر على إبراز حياته البسيطه ويفخر بأمه وأبيه الريفيين البسطاء .. عكس من يتنكرون حتى لجلدهم لمجرد أن ظهرت صورتهم فى الصحف..فأنه أبوتريكه البار بأهله!!
عندما يإثر القلوب وتكون أقصى أمنيات سيدة أمريكية أن تلتقى به وجها لوجه .. ويأتى بها زوجها المصرى الى ناديه .. وتعلن هذه السيدة أنها ومئات من أقرانها تشجع النادى الأهلى عشقا فى المبتسم القاتل ــ Smiling killer ــ كما يلقبونه فى أمريكا..بل ويتجمعن أما شاشة الفضائية حتى مطلع الفجر ليشاهدن أى مباراة يشارك فيها .. فإنه أبو تريكه أمير القلوب ؟؟
وعندما يهرع اليه نجوم العالم فى مباراة خيرية ليلتقطوا بجواره الصور اعترافا بمهاراته وفنه وتقديرا لأخلاقة وتدينه الملاحظ عليه فترة وجوده بينهم .. وأبعد من ذلك يصفه تيرى هنرى الفرنسى بأنه هرم مصر الرابع وللمصريين أن يفخروا بوجوده بينهم .. فإنه أبو تريكة الساحر المحبوب ؟؟!!
أحبه المنافسون بدرجة لا تقل عن المنتمين لبلده أو ناديه واحترموا تدينه و تواضعه وإخلاصه ,وعشقوا فنه وسحر أداؤه..لأنه أبو تريكه ..ذلك الإنسان الذى اتقى ربه.. فأحبه الله ورزقه بكل ما ينعم به من حب كبير وخير كثير .. وهو بلا شك يستحق.
ثم يأتى بعد كل هذا من يستكثر على أبو تريكة أن يكون الأكثر شعبية فى العالم , بدعوى أنه ليس الأشهر.. ونسى هؤلاء الجهابذة من ذوى الأقلام المملوءة بمداد الحقد وألوان السواد من العاشقين لجلد الذات أن الشهرة شىء , والشعبية شىء أخر.
وسوف أترك لعلم الاتصال ــ Science communication ــ كأحد العلوم الإنسانية التى تعنى بتوصيف أشكال العلاقات وأبعادها لترد على هؤلاء .
فماذا يقول علماء الاتصال ؟؟.. يقولون أن: الأكثر شهرة هو ذلك الشخص الذى يعرفه أكبر عدد من البشر نتاج ذيوع صيته عبر وسائل الاتصال المختلفة , سواء كانت وسائل إعلامية أو سلكية أو لاسلكية ونقل أخباره للمهتمين به حسب أهمية هذا الشخص لدى المتابعين .. وليس شرطا لكل من يعرف هذا الشخص أن يكون ملتزما تجاهه بأى توجهات عاطفية أو سلوكية تأتى فى صالحه .
أما الشعبية : فهى حالة وجدانية تربط ذلك الشخص بعواطف المحيطين به نتيجة حالة حب واقتناع بصاحب الشعبية نتيجة ما يتميز به من انماط سلوكية أو فنية أو وحدة الجنس أو اللون أو التوجهات وتناغمها بين الشخص صاحب الشعبية والمحيطين به.. وتجدهم ملزمين تجاهه بواجبات تقتضيها مصلحة صاحب الشعبية ومصلحة المحيطين به ,حتى وإن كانت فى اشكال وصور معنوية.
الى هنا انتهى كلام علمى جامد يحتاج الى تفنيد .. فإذا ماطبقنا هذين المفهومين على عدد من النجوم سنجد أن كاكا أو روناليدينهو أو ميسى أو غيرهم , هم الأشهر لذيوع صيتهم لأنهم يلعبون فى دوريات أوروبا الأشهر .. وقد يصل عدد من يعرفهم الى عشرة ملايين مثلا.. ولكن ليس شرطا أن يكونوا محبوبين لدى كل من يعرفهم أو يتابعهم أو يسمع عنهم.. فإذا قلنا على كل من يحب كاكا مثلا أن يضع له صوتا ..ربما نجد مشجعا: يقول أن اعرف كاكا ولكن لا يعنينى أمره ومن هنا نجد مليونين فقط من أصل عشرة ملايين صوتوا على حبهم لهذا النجم الشهير.
وفى المقابل نجد أن اجمالى من يسمع عن أبو تريكه ويعرفه حوالى ثلاثة ملايين شخص فإذا ما طلبنا منهم أن يصوتوا على حبهم لأبو تريكة .. اهتم بذلك مليونين وربع المليون مشجع منهم وصوتوا لصالح أبو تريكه.. فماهى النتيجة النهائية؟؟؟
بالطبع أبو تريكة يكسب , ولا عجب فى ذلك لأن الشهرة والصيت تختلف عن الشعبية التى تدفع الأشخاص إلى بذل كل شىء فى سبيل إنجاح من يحبوه.
ولا أعتقد بعد هذا التوضيح أن الأمر يحتاج إلى بيان .. ذلك أن الشهرة الناتجة عن الدعاية والتلميع الإعلامي ليست كافية لأن تشفع لصاحبها لينجح فى استفتاء .. وغلبتها الشعبية المرتبطة بالنواحي الوجدانية .. ومن هنا أجد علامات استفهام كثيرة وعلامات تعجب أكثر , أمام كتابات هؤلاء الذين سخروا من تقدم أبو تريكه نتيجة الاستفتاء الذى يشرف عليه الاتحاد الدولى للإحصاء والتأريخ !!!!
وحتى لو كان مبرر المدعين بهراء هذا الاستفتاء أن هناك من يجلس بالساعات على النت ليصوت لمصلحة أبو تريكه , مما يفقد الاستفتاء مصداقيته.. فأقول لهم مهلا .. فمن الذى اجبر إنسان أن يدخل على موقع الفيفا وأجلسه بالساعات ليكرر التصويت لمصلحة أبو تريكه ..هل يدفع لهم أبو تريكه ؟؟!! هل جند أبو تريكه مجموعة لتجلس على النت من أجل التصويت لصالحه؟؟!! ..هل هناك سابق معرفة شخصية بين أبو تريكه ومن يصوتون من أجله؟؟!!
إنه الحب يا ساده .. وعندما يتملك القلوب حبا وعشقا لا تسل عن العطاء .. واذا كان غير ابو تريكه من اللاعبين الأشهر هم الاكثر شعبية كما يدعون ... فلماذا لا يجلس محبيهم ليكرروا التصويت من اجلهم؟؟!!
إننا نعشق جلد الذات , ونتلذذ بالتقليل من قيمتنا , ويريحنا أن نبقى دوما فى المؤخرة , لنجد لأقلامنا متسعا من الاسطر لنبث فيها عقدنا
واجزم أننى لم أجد ساخرا من تفوق نجمنا أبو تريكه إلا وكان من المشهورين بحقدهم على كل ما هو ناجح وهم معروفين بالاسم .. وما أحزنني أن المحايدين منهم لم يعارضوهم , فلماذا صوت الباطل اعلى هذه الأيام ؟؟ّّ!!
لماذا نحاول التقليل من قيمتنا .. ونستعذب إحساسنا بالدونية .. ونكره إنصافنا ؟؟!!
كلمة أخيرة:
لو أن الله كتب لأبو تريكه الفوز بنتيجة الاستفتاء كأكثر اللاعبين شعبية فى العالم ..فإن كل وسائل الإعلام ووكالات الأنباء العالمية ستتناقل هذا الخبر .. وستذكر أن أبو تريكة صاحب الإنجازات والأرقام القياسية وصاحب الخلق الرفيع وهداف كأس العالم للأندية الماضية هو ابن مصر .. فهل يسؤكم ذلك أيها الساخرون .. وأنتم تتمرغون فى خير مصر؟؟!! أم أنها الأحقاد التى تعمى القلوب وتميت الضمائر !!!